Psychological stress: its concept, effects, and how to deal with it

‏24 أكتوبر 2024 صحة عامة
sharing

تخيل أنك تعيش في حالة تأهب مستمر، قلبك يخفق بسرعة، وعقلك مشغول بالتفكير في المشاكل. هذا هو شعور الضغط الذي يعاني منه الملايين حول العالم. هل تعلم أن الضغط المستمر يمكن أن يؤدي إلى أمراض خطيرة مثل أمراض القلب والاكتئاب؟ في هذا المقال، سنستكشف كيف يؤثرذلك على جسمنا وعقلنا، وكيف يمكننا التعامل معه.

 

إن نمط الحياة المتسارع وزيادة مصادر الضغوط من أعباء مادية ومتطلبات أسرية واجتماعية ووظيفية قد ضاعف معدلات الإحساس بالضغط لدى الإنسان، مما زاد من معدلات الأمراض النفسية والجسدية، وأثر بشكل كبير على جودة حياة الفرد والمجتمع. الوعي هو أول خطوات العلاج، وفهمك لمعنى الضغوطات وكيفية حدوثها، والعوامل المسببة لها وأثرها على جوانب حياتك النفسية والجسدية والسلوكية، سوف يساعدك على تفادي الكثير من آثارها غير الصحية ويمنحك استبصارًا بذاتك وفهمًا وتقبلاً لذاتك وقدراتك والظروف من حولك. وبالتالي، يتبين لك ما المهارات والاستراتيجيات التي تحتاجها لتمكنك من التعامل مع الضغوطات وتجاوزها أو التعايش معها دون أن تؤثر عليك.

 

كيفية استجابة الجسم للضغط:

عندما يدرك الشخص وجود حدث يهدده - خارجي أو داخلي - تحدث تغيرات فيزيولوجية ناتجة عن هذا الإدراك، وتنتقل كرسائل عصبية من مركز الإدراك مرورًا بمركز المشاعر، ليحفز الجهاز العصبي الودي الذي يتحكم بالقلب والرئتين والأوعية الدموية والمعدة، عن طريق الناقل العصبي في الجهاز الودي (النورأدرينالين). فتحدث عدة تغيرات مثل زيادة ضربات القلب، اتساع الأوعية الدموية والحويصلات الهوائية، تفعيل العضلات، زيادة النشاط الذهني والتركيز، وتثبيط حركة الجهاز الهضمي وتوسيع حدقة العين، (استجابة لحالة الكر أو الفر ليتمكن الشخص من مواجهة الخطر إما بالمواجهة أو الهروب). وهذا هو المستوى الأول في الجسم للاستجابة للضغوط، ويقوم به الجهاز العصبي بشكل كامل.

لكن عندما تستمر الضغوط، يتفعل المستوى الثاني في الجسم لمواجهة هذا الضغط، ويسمى بمستوى الجهاز العصبي الغدي. هنا، يتأثر النشاط الهرموني بشكل أكبر، وهو يعمل بعد نصف ساعة من استثارة المستوى الأول (الجهاز العصبي الودي). وهو أقوى بعشر مرات من المستوى الأول، فيفرز المزيد من الأدرينالين إلى الدم، مما يؤثر على أعضاء الجسم لفترات أطول حتى يتمكن الجسم من مواجهة الضغط.

عندما تستمر الضغوط لفترات أطول، يستجيب الجسم بتفعيل المستوى الثالث لمواجهة الضغوطات، حيث يبدأ تفعيل الغدد الصماء. يتضمن ذلك تنشيط الغدة النخامية والتي تؤثر على الغدة الكظرية، فتفرز "الكورتيزول". ولأن الإفراز مستمر، تتأثر أجهزة الجسم المختلفة، ويرتفع مستوى السكر والضغط والكولسترول والدهون في الدم، ويؤدي ذلك إلى ارتفاع معدل الإصابة بالسمنة وأمراض القلب وتصلب الشرايين. ولأن الضغط النفسي يزيد من إفراز حمض الهيدروكلوريك، فإنه يؤدي إلى تآكل جدار المعدة، وبالتالي ظهور قرحة المعدة واضطرابات الهضم. كما تضعف مناعة الجسم ضد الميكروبات ويصبح عرضة للإصابة بالعدوى والالتهابات والأمراض.

ومن أهم أجهزة الجسم التي تتأثر بالضغوطات الدماغ، حيث يحدث ضمور للخلايا في منطقة الإدراك والمشاعر. نتيجة لذلك، تنخفض الذاكرة والقدرة على التعلم والتركيز، وتنخفض مهارة التفكير المنطقي والتخطيط واتخاذ القرار، وتتأثر جودة النوم، وينتاب الشخص مشاعر القلق والكآبة. وتُطلق على هذه المراحل الثلاثة التالية:

  1. مرحلة المقاومة.
  2. مرحلة الإنهاك.
  3. مرحلة الإنذار.

 

تعريف الضغط النفسي:

يعرف الضغط النفسي بأنه ناتج العلاقة التفاعلية بين الفرد والبيئة. يتعرض الإنسان للضغط النفسي في حالتين:

  1. عند تقييم موقف ما بأنه مهدد، وهذا يسمى بالتقييم الأولي.
  2. عندما يدرك أن المصادر الذاتية لمواجهة هذا الموقف المهدد غير كافية، وهذا يسمى بالتقييم الثانوي.

 

أنواع الضغوط:

عندما يقيم الشخص قدرته على مواجهة موقف ما بأنها غير كافية، أو عندما يكون هناك نقص في المحفزات المناسبة لأداء مهمة ما، مما ينتج عنه الملل أو الإحباط. في هذه الحالة تضعف قدرة الفرد على التكيف، ويدخل في ما يسمى الضغط السلبي الذي يسبب القلق والهم وضعف الأداء، وقد يؤدي إلى مشاكل نفسية وجسدية لفترة قصيرة أو طويلة.

أما عندما يقيم الشخص قدرته على أنها كافية لمواجهة موقف ما، يتولد لديه الشعور بالثقة بالنفس والسيطرة، ويمده هذا الشعور بالقوة والقدرة على الأداء الذهني والجسدي، ويدخل في ما يسمى الضغط الإيجابي، الذي يحفز ويولد شعور الإثارة وبالتالي يحسن الأداء ويمنح الشخص الدافعية والنشاط.

 

مصادر الضغوط:

أولاً: مصادر خارجية
الأحداث التي تقع في البيئة المحيطة بالإنسان وتؤثر على حياته. قد تكون هذه الضغوط لفترة معينة وتنتهي، وتسمى ضغوط مؤقتة، أو قد تكون مستمرة خلال حياته، وتسمى ضغوط مستمرة.

ثانياً: مصادر داخلية
الخصائص والسمات الشخصية للفرد، مثل قيمه ومبادئه ودوافعه وحاجاته وخبراته المختلفة في الحياة، والتي لها الدور الأكبر في تقييم الفرد للأحداث من حوله على أنها مسببة للضغط أو غير مسببة.

مثال على ذلك: الشخص الذي يتسم بالشخصية الكمالية (ضغط داخلي) قد يشعر بالضغط الشديد عندما يواجه تعثرًا في دراسته (ضغط خارجي)، وقد يشكو من أعراض جسدية أو معرفية أو سلوكية. الشخصية الكمالية هي سمة شخصية تتميز بالكفاح لتحقيق الكمال والمبالغة في وضع معايير عالية جدًا للأداء، ويصاحبها تقييمات نقدية مبالغة للذات ومخاوف من تقييمات الآخرين. تدفع الكمالية الأفراد لمحاولة تحقيق المثالية التعجيزية، وعندما لا يستطيع الكماليون بلوغ أهدافهم، غالباً ما يصابون بالاكتئاب.

 

هم أعراض الضغط النفسي:

الأعراض الجسدية:

  1. الصداع بأنواعه.
  2. الشد العضلي.
  3. زيادة التعرق.
  4. خفقان القلب.
  5. ألم الظهر، وخاصة الجزء السفلي.
  6. اضطرابات النوم.
  7. الضغط على الأسنان.
  8. ألم في العضلات، وخاصة الرقبة والأكتاف.
  9. عسر الهضم.
  10. تغير في الشهية.
  11. الإسهال والإمساك.
  12. لتعب والإرهاق وسرعة الإجهاد.
  13. اضطراب التنفس.

الأعراض المعرفية:

  1. التردد في اتخاذ القرار.
  2. صعوبة في التركيز.
  3. النسيان.
  4. إصدار أحكام خاطئة.
  5. كثرة الأفكار السلبية.
  6. ضعف الذاكرة.

الأعراض الانفعالية:

  1. الخوف من المرض أو توهم المرض.
  2. انخفاض القدرة على الاسترخاء.
  3. التوتر والقلق لأشياء غير مبررة.
  4. عدم السيطرة على الغضب.
  5. التفسير الخاطئ لتصرفات الآخرين ونواياهم.
  6. انخفاض تقدير الذات.
  7. الشعور بعدم الرضا والكآبة.

الأعراض السلوكية:

  1. لوم الآخرين.
  2. عدم الثقة غير المبرر بالآخرين.
  3. تصيد أخطاء الآخرين.
  4. التهكم والسخرية.
  5. انخفاض الدافعية.
  6. مشاكل في العلاقات.
  7. انخفاض الإنتاجية.
  8. ضبابية الأهداف أو انخفاض الرغبة بها.
  9. انخفاض مستوى الطاقة وانحدارها من يوم لآخر دون سبب واضح.

 

العوامل المؤثرة على الضغط النفسي

1. طرق التفكير

الكثير من طرق تفكيرنا تؤدي إلى زيادة الضغوطات عند التعامل مع المحيط الخارجي أو حتى مع التعامل مع أنفسنا. كمثال: "التعميم" وهو عندما يصدر الشخص الأحكام ويعممها بناءً على موقف واحد فقط، مثل: شخص تعامل مع تاجر محتال، فأصبح يعتقد أن كل التجار محتالون أو يحاولون الاحتيال. أو مثل: سيدة انفصلت عن زوجها وأصبحت ترى جميع الرجال سيئين.

كمثال آخر، "التفكير المتطرف" هو رؤية الأشياء إما سوداء أو بيضاء، جيدة أو سيئة، فلا يوجد هناك حلول وسط، وليس هناك مجال للشك أو الخطأ. من خلال تصحيح طرق تفكيرنا، سيسهل علينا التعامل مع الضغوطات، ولن تؤثر علينا سلباً كما كانت تفعل عندما يكون لدينا طرق تفكير خاطئة أو سلبية.

2. العواطف
عادةً ما يكون الأشخاص ذوو الذكاء العاطفي المرتفع هم الأفضل في التعامل مع أنفسهم والآخرين. وكلما أتقن الشخص مهارات الذكاء العاطفي، سهل عليه التغلب على التوتر والقلق الناتج من المحيط الداخلي والخارجي، لأن التوتر يظهر على ملامح الشخص، مما يجعل الناس يتصرفون بشكل مختلف نحوه.

يمكن تقسيم مهارات الذكاء العاطفي إلى عدة مجالات رئيسية:

  • التعرف: تعرف على مشاعرك وحاول التمكن من تحديدها.
  • الفهم: افهم مشاعرك بعمق لتتمكن من فهم مشاعر الآخرين أيضًا.
  • الإدارة: تعلم إدارة عواطفك.
  • التوظيف: تعلم تحفيز ذاتك والآخرين.

3. السلوك التكيفي
السلوك التكيفي هو مهارة حل المشكلات وعدم الاكتفاء بتجاهلها أو الهروب منها. وقد لخص علماء النفس الخطوات العامة لحل المشكلات بطريقة فعالة ومنظمة:

  1. التعرف على المشكلات وإعداد قائمة واضحة بها.
  1. إدراك العلاقة بين الانفعالات والمشكلات.
  2. تقسيم المشكلات الكبيرة إلى أجزاء صغيرة يمكن التحكم بها.
  3. اختيار أهداف محددة قابلة للتحقيق.
  4. طرح جميع الحلول المقترحة واختيار الأفضل منها.
  5. تطبيق الحل الأفضل بعد تقسيمه إلى خطوات أصغر إن لزم الأمر.
  6. التقويم: مراجعة التقدم الذي تم تحقيقه.

4. نمط الحياة
من المعروف أن الضغوط المزمنة في الحياة تؤدي إلى اضطرابات في النوم والمزاج والوظائف الإدراكية، بينما نمط الحياة الصحي يساعد على تكوين خلايا عصبية جديدة، وبالتالي تحسين تلك الوظائف. ومصطلح "نمط الحياة" يعني المحافظة على عادات صحية جيدة تساعد في تقوية الجسم والعقل. وأهم هذه العادات ما يلي:

  1. عادة النوم الصحية: حيث أن الحفاظ على أوقات ثابتة للنوم واليقظة يؤدي إلى انضباط الساعة البيولوجية التي تتأثر بأشعة الشمس بشكل كبير، والمرتبطة بعدد كبير من وظائف الجسم المختلفة مثل المزاج والأكل والطاقة وضغط الدم وحرارة الجسم وغيرها.
  2. ممارسة الرياضة: تعطي شعوراً بالإنجاز والرضا عن الذات، كما توفر ابتعاداً مؤقتاً عن البيئة التي قد تسبب الإحباط والضغط. كما تزيد الرياضة من الشعور بالسعادة من خلال إفراز الإندورفين وتحفز تكوين خلايا عصبية جديدة، وبالتالي تعاكس تأثير الاكتئاب والضغوطات المزمنة على الدماغ، وتقع في الخط العلاجي الأول للاكتئاب الخفيف والمتوسط حسب التوصيات الطبية الكندية المبنية على البراهين العلمية لعلاج الاكتئاب.
  3. الغذاء الصحي: من المعروف أن الغذاء له دور كبير في تحسين الصحة بشكل عام والصحة النفسية بشكل خاص، حيث أن الغذاء الغني بالأوميجا وقليل السعرات والذي يحتوي على كميات من الفلافونويد يحفز تكوين خلايا عصبية جيدة، وبالتالي يحمي من الأثر الضار الذي تسببه الضغوط المستمرة. كما أن الحد من استهلاك الكافيين والأطعمة التي تحتوي على الصوديوم، والإكثار من مشروبات أو الأطعمة التي تحتوي على فيتامين C وفيتامين D، خاصة في فترة التعرض للضغوطات، يمكن أن يكون مفيداً.
  4. الترفيه: من المهم والمفيد جداً تخصيص وقت لممارسة هواية ما أو نشاط ترفيهي، أيّاً كان عمر الشخص، لما له من أثر كبير على الحالة النفسية للشخص لعدة أسباب، منها الابتعاد المؤقت عن البيئة التي تسبب الضغوط، أو إشغال التفكير بأمور لا تتسبب في زيادة الشعور بالضغط.

 

في ختام هذا المقال، من الواضح أن الضغط النفسي ليس مجرد شعور عابر، بل هو حالة تؤثر بشكل عميق على صحتنا الجسدية والنفسية. التوتر المستمر يمكن أن يؤثر على أجهزة الجسم المختلفة، ويسبب مجموعة من الأعراض الجسدية والمعرفية والانفعالية والسلوكية التي قد تؤدي إلى تدهور جودة الحياة. ومع ذلك، هناك استراتيجيات متعددة يمكن تبنيها لإدارة الضغوط والتعامل معها بفعالية.

من خلال تعزيز الوعي حول مصادر الضغط وتعلم كيفية التعامل مع العواطف والسلوكيات بشكل إيجابي، يمكننا

تحسين قدرتنا على التكيف مع الضغوطات ومواجهتها بشكل أفضل. الاهتمام بنمط حياة صحي، بما في ذلك النوم الجيد، ممارسة الرياضة، التغذية السليمة، وتخصيص وقت للترفيه، يعزز من قدرتنا على إدارة الضغوط والحفاظ على صحة جيدة.

تذكر أن الضغط النفسي جزء من الحياة، لكن كيفية التعامل معه تحدد مدى تأثيره على حياتك. عبر فهم نفسك وتبني استراتيجيات فعالة، يمكنك تقليل تأثير الضغوط وتعلم كيفية العيش بسلام وراحة. استثمر في نفسك، وكن على دراية بأنك قادر على التغلب على التحديات التي تواجهك، وخلق بيئة حياة أكثر توازناً وسعادة.