نعلم جميعا أن الإصابات الرياضية أمر مؤكد الحدوث عند ممارسة الرياضات الالتحامية بنسبة معينة، ولذلك يسعى المختصون في هذا المجال لتقليل نسبة حدوثها قدر المستطاع وزيادة نسبة الحماية منها من خلال تحسين برامج التأهيل والعلاج والوقاية من الإصابة بإذن الله.
في هذه المقالة سأذكر عشرة من أهم الأسباب التي قد تجعلنا نفشل في تحقيق أهداف التأهيل والتدريب:
- غياب المبادئ الإرشادية الأساسية القابلة للتطبيق سريرياً
بالرغم من وجود كمية محدودة من المبادئ التوجيهية المطبقة سريرياً لإعادة التأهيل بعد إصابة الرباط الصليبي الأمامي وإعادة بناءه، إلا أنها لا تزال نوعاً ما عامة وغير مخصصة.
- وجود فجوة كبيرة بين ما نعرفه في الأبحاث وما يتم تطبيقه في الممارسة السريرية
قد يكون ذلك لعدة أسباب، مثل صعوبة الوصول للدراسات بسبب حظرها لغير المشتركين في المجلات العلمية، وقلة توفر الوقت لمتابعة الأبحاث العلمية الحديثة، وبالتالي صعوبة البقاء على مواكبة التطورات العلمية. إضافة إلى ذلك، فإن الكثير من الأبحاث لا تزال نتائجها غير حاسمة، مما يجعل تطبيقها سريرياً مباشرةً أمراً صعباً.
- معظم المصابين ليس لديهم الجدية والالتزام بخطة التأهيل في مرحلة العودة للملعب
الكثير من المرضى يعتقدون أنهم يمكنهم العودة للرياضة دون اجتياز اختبارات أو معايير معينة، ويعتمدون على مرور الوقت بعد الإصابة أو عملية زراعة الرباط. وغالباً ما يفتقرون إلى القدرات البدنية والنفسية والفسيولوجية للعودة بنجاح إلى الرياضة، وبالتالي زيادة فرصة حدوث إصابة ثانية في الرباط الصليبي لأمامي أو إصابات أخرى في الأطراف السفلية، أو انخفاض الأداء وجودة الحياة.
- غياب التأهيل القائم على المعايير والاختبارات المخصصة
يقوم الكثير من المختصين بالبدء في تأهيل الرياضيين دون وجود معايير محددة أو ربما بعض المعايير غير الكافية للتعامل مع متطلبات المرحلة التالية من التأهيل أو العودة إلى الرياضة.
- انخفاض جودة برامج إعادة التأهيل وغالباً ما تكون سيئة نسبياً
على الرغم من أنه قد يكون من الصعب تحديد برامج إعادة التأهيل عالية الجودة، إلا أن هناك بعض النقاط الأساسية التي يجب الانتباه إليها، مثل عدم وجود معرفة كافية بجميع الجوانب التي يحتاج المختص للتدرب عليها أو نقص المعرفة والمهارات اللازمة لتكون قادراً على استهداف جميع الجوانب التي تحتاج إلى معالجة في برنامج إعادة التأهيل للعودة إلى الرياضة. بالإضافة إلى ذلك، فإننا في كثير من الأحيان لا نكون محددين بما فيه الكفاية في وصفنا للتمارين الرياضية. إذ تعتبر الوصفة التفصيلية للتمرين مهمة جداً لتحقيق أهداف التأهيل والتدريب المطلوبة.
- الاستعجال في العودة للملعب
يجب أن يعلم المختص والمريض أنه لا يمكن اختصار خطوات أو مراحل التأهيل لتسريع عملية التعافي. ومع ذلك، غالباً ما نتسرع في الانتقال بين تلك المراحل أثناء إعادة التأهيل. نحن نعلم أنه من الناحية الوظيفية والبيولوجية، أننا بحاجة إلى الوقت لتحقيق أقصى قدر من التكيف بعد هذا النوع من الإصابات. من وجهة نظر المريض، يمكن أن تكون إعادة التأهيل بعد إصابة الرباط الصليبي الأمامي رحلة صعبة للغاية، لذلك كن صبوراً، وخذ وقتك للتحسن وتحقيق أهدافك.
- ضعف الالتزام والتحفيز
أظهرت الدراسات أن تحفيز المريض للالتزام في برنامج التأهيل هو نقطة رئيسية فارقة في نتائج التأهيل. حيث إن المراجع لن يستفيدحتى وإن حصل على أفضل برنامج لإعادة التأهيل في العالم، إذا لم يلتزم به. لذلك، يجب علينا كمعالجين أن نشارك في تحفيز المرضى والحفاظ على الالتزام بأعلى مستوى ممكن من خلال وضع خطة واقعية، والتواصل الواضح مع المرضى، وتحديد الأهداف على المدى القصير والطويل. حيث إن المرضى الذين يقل التزامهم أو لا يتبعون البرنامج كما يجب، أو ليس لديهم دافع للقيام بإعادة التأهيل، عادة ما يحصلون على نتائج أسوأ بعد عملية الرباط الصليبي الأمامي.
- التأهيل لا يكون مخصصاً للفرد
أشارت مراجعة عام 2020 إلى وجود الكثير من العوامل النفسية والاجتماعية والفردية التي تؤثر على جميع مراحل التعافي بعد الإصابات الرياضية. وأن الفهم الأفضل لهذه العوامل في وقت الإصابة وخلال فترة التأهيل يساعد في تحسين نتائج التأهيل، كالعودة للرياضة وتحسين جودة الحياة. والخطأ الذي يرتكبه كثير من المختصين هو أنهم لا يخصصون البرامج التأهيلية بناءً على وضع واحتياج المصاب، بالرغم من أننا نعلم أنه من النادر أن يتطابق برنامج التأهيل لشخصين مختلفين بسبب اختلاف العوامل النفسية والاجتماعية والفردية لكل شخص.
- ضعف التواصل
يعد التواصل الواضح والمفتوح بين جميع الأطراف المشتركين في التأهيل أمراً بالغ الأهمية. اعتماداً على مستوى وأعمار الرياضيين، يمكن مشاركة عدة أشخاص، أولاً المصاب نفسه، حيث نتبع طريقة تأهيل تركز على أهداف واحتياجات المصاب، فالأمر كله يتعلق به. ولأننا كمختصين سنعمل لفترة طويلة مع المصاب (6-12 شهرًا)، فمن المهم الحرص على بناء علاقة قوية بين المصاب وبقية المختصين المشاركين في عملية التأهيل. بالإضافة إلى ذلك، التواصل مع جراح العظام في حالة إجراء عملية جراحية، المدرب الرياضي، الوالدين، وكذلك مدربي القوة والتكييف في بعض الحالات، وجميع الأشخاص المحتمل مشاركتهم في التأهيل. يجب أن يكون جميع المشاركين في عملية التأهيل على نفس الخطة، ويجب أن يعرف كل منهم ما هي الأهداف والمراحل المحددة وما دوره وما يمكن للمصاب أن يفعله أو لا يفعله. إن إعادة اللاعب إلى المنافسة هو بلا شك عمل جماعي، وفي بعض الحالات قد يضطر المعالج الطبيعي لتولي زمام المبادرة في عملية إعادة التأهيل بأكملها.
- لوائح وقيود نظام الرعاية الصحية
تؤثر اللوائح والقيود المفروضة على نظام الرعاية الصحية وأنظمة التأمين بشكل كبير في جودة التأهيل، اعتماداً على شركة التأمين الخاصة بالمصاب والوضع المالي للمريض. فقد تختلف عدد جلسات العلاج الطبيعي بشكل كبير، حيث يكون لدى بعض المرضى بضع جلسات فقط لإكمال برنامج إعادة التأهيل بأكمله، مما قد يعيق جودة البرنامج بالطبع، مما يؤدي أيضاً إلى تصعيب عملية إعادة المصاب إلى المستوى المطلوب للأداء الرياضي. وفي هذه الحالة، فإن تثقيف المريض وتقديم خطة واضحة للتمرين، ومحاولة تحفيز المريض على الالتزام بدرجة عالية بالخطة سيكون أكثر أهمية.
كل إصابة فريدة من نوعها، وبالتالي فإن خطة التأهيل يجب أن تكون مخصصة لكل حالة على حدة. لا يوجد برنامج تأهيل واحد يناسب الجميع. يجب أن يأخذ المعالج الطبيعي في الاعتبار العديد من العوامل، مثل نوع الإصابة، وشدة الإصابة، واللياقة البدنية للمريض، وغيرها من العوامل. من خلال تخصيص خطة التأهيل، بذلك يمكننا تحقيق نتائج أفضل وتقليل خطر حدوث إصابات جديدة."